فيريرو: “المقاطعة لا تخدم القضية الفلسطينية”
حاوره عمارة لخوص 21 February 2008

المدير فيريريو، نريد أن نعرف طريقة اختيار ضيف الشرف في معرضكم؟ هل تمت دعوة إسرائيل أم اختيرت من بين مجموعة من الدول المرشحة؟
عادة تتصل بنا دول ترغب في التعريف أكثر بأدبها وثقافتها في إيطاليا. هذا ما حدث في الدورات السابقة للمعرض مع هولندا وكندا وإقليم كتالونيا وسويسرا والبرتغال والبرازيل واليونان وليتوانيا. في الصيف الماضي، أعربت سفارة إسرائيل في إيطاليا عن رغبتها في المشاركة في المعرض كضيف شرف من أجل تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين. وقررت المؤسسة القائمة على تسيير المعرض والمكونة من بلدية ومحافظة تورينو ومقاطعة بيمونتي بعد دراسة جميع الطلبات قبول الاقتراح الإسرائيلي.

يرى أنصار مقاطعة المعرض أن قرار اختيار إسرائيل سياسي بحت للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الدولة العبرية. ما هو ردكم؟
ليست لدينا غايات سياسية أو دعائية أو احتفالية. إن الأمر يتعلق باستضافة مجموعة من الأدباء والموسيقيين والعلماء والفنانين الذين يشكلون جزءا من ثقافة حرة وحيوية جدا، معروفة وتتمتع بإعجاب ليس في إيطاليا فقط وإنما في العالم.

في بداية السنة الماضية، أُعلن أن مصر هي ضيف شرف للمعرض 2008، ماذا حدث؟
تربطنا علاقات ودية مع مصر منذ سنوات. وقد التقيت بالكاتب جمال الغيطاني في القاهرة وهو يعرفني جيدا. صحيح أن مشاركة مصر كانت مبرمجة في البداية لهذه الدورة، وقد تم تأجليها للسنة القادمة ليس لفتح المجال لإسرائيل كما قيل، وإنما لسبب آخر. في العام القادم ستشهد تورينو معارض أثرية هامة حول مصر القديمة. وتحتوى مدينتنا ـ كما هو معروف ـ على ثان أهم متحف أثري حول مصر في العالم بعد متحف القاهرة. لهذا قررنا بعد موافقة المسؤولين المصريين ربط هذه المعارض الفنية بفعاليات معرض الكتاب في عام 2009 حتى يصبح حدثا ثقافيا كبيرا.

كيف تفسر موقف المثقف الأوروبي المسلم طارق رمضان المتزعم لحلف المقاطعة، خصوصا بعد تصريحه أن "اختيار دولة إسرائيل ليس حكيما ولا عادلا في حق الفلسطينيين
نحن نستضيف أدباء وليس دول. إن طارق رمضان يفكر بمنطلقات سياسية بحتة، أما نحن تهمنا الجوانب الثقافية. يبدو أنه لا يعرف ما معنى معرض الكتاب، كان ضيفنا في السنة الماضية رغم أنه شخصية تثار حولها الكثير من السجالات في إيطاليا. لقد تحدث بحرية واستمعنا إليه باهتمام. من واجبه اليوم فتح المجال للآخرين للتعبير عن أرائهم، خصوصا أن العديد منهم لا يعادي القضية الفلسطينية ويدعم السلم والحوار. لا شك أن طارق رمضان يتناسى أن معظم الأدباء الإسرائيليين ينتقدون مواقف حكومتهم. في هذه الأيام قرأنا مقالا شديد اللهجة للكاتب دافيد غروسمان ضد أولمرت كما صرح الروائي عموس أوز أن إسرائيل "لا تفعل شيئا من أجل السلام". لماذا لا يحق لأشخاص من غروسمان وأوز الحديث في تورينو؟ أعتقد أن مقاطعتهما ليس حكيما ولا عادلا في حق الفلسطينيين. نحن نقدم فضاء حرا لمناقشة جميع القضايا بطريقة حضارية.

كيف تقيّم اقتراح صاحب جائزة نوبل للآداب داريو فو بدعوة الكثير من الأدباء الفلسطينيين لخلق نوعا من التوازن مع الحضور الإسرائيلي؟
وجهنا الدعوة إلى العديد من الأدباء الفلسطينيين مثل إبراهيم نصر الله وسعاد أميري وسحر خليفة ولكنهم رفضوها قائلين إنهم لا يريدون الاحتفال بـ "النكبة" أو "الأبارتيد. نحن لا نطلب منهم هذا. ولن يكون هناك أي احتفال. الذكرى الستين لتأسيس إسرائيل هي فرصة لمناقشة نقدية لتاريخ حافل بالأحداث المأساوية والمؤلمة. وسيحضر مؤرخون مثل زييف سترنهل وإيلان بابي، أطروحاتهم معروفة لدى الجميع. في هذه الأيام وجهنا العديد من الدعوات لأدباء وناقدين وناشيرين عرب، مثل فاروق مردم باي وهو مدير السلسلة العربية في دار النشر الفرنسية آكت سود.

ما هي علاقة معرضكم بالعالم العربي والأدباء العرب؟
في الدورات السابقة استضفنا العديد من الأدباء العرب. أذكر على سبيل المثال لا الحصر: إبراهيم الكوني ومريد البرغوتي وبنسالم حميش ورشيد بوجدرة وأدونيس وليلى مروان. فالشاعر الفلسطيني محمود درويش حضر مرات عديدة. لدينا العديد من الأصدقاء المبدعين العرب الذين يشاركون سنويا في معرضنا الدولي مثل المغربي الطاهر بن جلون والجزائري خالد فؤاد علام وهو أيضا نائب في البرلمان الإيطالي.

لقد أعربت عن تضايقك الكبير لدعوات المقاطعة الصادرة من أدباء ضد أدباء آخرين. لماذا؟
أعتقد أن الأديب يجب أن يكون رجل حوار وسلم. الأدب وسيلة لجمع الشعوب. ما يهم من الكاتب هو ما يكتب وليس جواز سفره أو ديانته أو عرقه. إنه من المحزن حقا أن ترى كاتبا يمنع عن كاتب آخر الكلمة لأن حكومته تتصرف بشكل ما.

هل أنت متخوف من الأجواء المحيطة بالدورة القادمة للمعرض؟
أتمنى أن ينتصر العقل في نهاية المطاف. يحدث عادة أن تصدر ردود فعل ناتجة عن عدم معرفة الوضع بشكل صحيح. معرض تورينو ليس مخصصا لإسرائيل كما قيل. سيكون هناك حضور إسرائيلي ولا تتعدى الأنشطة الإسرائيلية 20 أو 30 من مجموع 600 أو 700 نشاطا مسطرا في البرنامج. المكان يسع الجميع. يصل عدد الزائرين خلال خمسة أيام إلى 300 ألف شخص. لماذا نحرمهم من السماع الصوت الفلسطيني؟

كلمة أخيرة؟
في إيطاليا يوجد تعاطف كبير مع القضية الفلسطينية واهتمام كبير بالثقافة العربية. لدى الإيطاليين العديد من العيوب ولكنهم ليسوا منغلقين وعنصريين. لقد كان المعرض الدولي للكتاب في تورينو على مدى عشرين عاما فضاء للقاء والحوار. اسمح لي أن أقول لك إن المقاطعة لا تخدم القضية الفلسطينية، بل على العكس تضر بها وتزيد في عزلتها. نحن نثق في جميع العرب ذوي الإرادة الطيبة. نحن نريد بناء جسور وليس جدران جديدة. نريد أن نوحّد لا أن نفرق. أتمنى أن نستضيف في معرض 2009 فلسطين والأدباء الفلسطينيين.

SUPPORT OUR WORK

 

Please consider giving a tax-free donation to Reset this year

Any amount will help show your support for our activities

In Europe and elsewhere
(Reset DOC)


In the US
(Reset Dialogues)


x