حركة عالمية تسعى لتحقيق المساواة
مارجو بدران 29 October 2009

  ان الطريق طويل أمام النساء المسلمات لتحقيق المساواة، كما هو طويل أمام الأخريات. ولقد ناضلت نساء مسلمات، جنبا الى جنب مع نساء أخريات على غير دينهن، كما يحدثنا التاريخ، لتحقيق المساواة بينهن وبين الذكور منذ أوائل القرن العشرين فى مجتمعات مختلفة فى افريقيا وآسيا. والآن نجد الآسرة هى المجال الأخير الذى تستهدفه حركة المسلمات لتحقيق المساواة؛ والتى تمتد الآن أيضا الى الغرب. ومنذ شهرين انطلقت فى مؤتمر ضخم انعقد فى كوالا لامبور من 14 الى 17 فبراير، انطلقت حركة "المساواة" العالمية المطالبة بالمساواة فى داخل العائلة. وشارك فى المؤتمر مائتان وعشرون من العلماء والناشطين، منتمين الى سبع وأربعين دولة، وخلفهم تاريخ أطول من النشاط غذى "حركة المساواة" التى سمتها النساء المُنظمات للمؤتمر بهذا الاسم. ولقد اخترن لها كلمة "المساواة" باللغة العربية لحركة عالمية، لغتها هى الانجليزية، لأنها مشتقة من مفاهيم القرآن الكريم، ولأن للمساواة مرفأها فى المصادر الاسلامية وفى خطاب حقوق الانسان العالمية وفى الاطارت الدستورية وفى الواقع الذى يعيشه الرجال والنساء. وان ما ترمز اليه المساواة، بالاضافة الى حقيقتها، انما يقترح قوة التفاعل التكاملى بين "الدينى" و"العلمانى" على المدى الطويل لرحلة المساواة قى هذا المجال الحميم الذى ظل بالغ البعد عن التحقق.

وتاريخيا، فان النساء المنتميات الى الحركة النسوية فى المجتمعات الاسلامية القديمة فى افريقيا وآسيا قد جندن كلا من الحجج الاسلامية والعلمانية فى خدمة كفاحهن من أجل المساواة. ففى العقود الآولى من القرن العشرين عبرت ببلاغة نساء مسلمات ونساء منتميات الى ديانات أخرى عن ما سُمى "نسوية علمانية" تشتمل على مجموعة من خطابات الوطنية العلمانية، والحداثة الاسلامية، والخيوط الانسانية. وفى العقود الآخيرة من القرن العشرين عبرت نساء مسلمات من أماكن مختلفة حول العالم ببلاغة عن خطاب للمساواة بين الذكور والأناث والعدالة الآجتماعية المؤسسة على قراءتهن للقرآن الكريم وغيره من المصادر الدينية. وأطلفت علبه نساء مسلمات، تابعن وتفحصن هذه البلاغة فى المساواة الاسلامية، اسم "النسوية الأسلامية".

ونتيجة لكفاح النسويات على مدى قرن من الزمان، فان النساء فى معظم المجتمعات الاسلامية القديمة اكتسبن مساواة على قدر كبير فى المجال العام العلمانى(ولكن ليس فى المجال الدينى العام- مجال المهن الدينية ومجال العبادات). أما فى المجال الخاص، أى مجال العائلة، فان النساء المسلمات والنساء اللواتى تزوجن مسلمين ويعشن فى ظل قوانين اسلامية (يطلق عليها أيضا قوانين الآحوال الشخصسة) فى دول ذات أغلبية مسلمة، فقد واجهن معركة بالغة الصعوبة لتحقيق أدنى مساواة. ورغم أن نساء الحركة النسوية العلمانية الآوليات استخدمن حججا اسلامية اصلاحية ليخفضن عدم المساواة القانونية بينما لم يتحدين أساسا النطام الآبوى للآسرة ، فانهن وصلن الى قلبل القليل من النجاح، وكان الآمر كذلك يالتسبة للجيل الثانى من النسويات العلمانيات اللواتى كانت مطالبهن أكثر جرأة.

ومنذ العقود الآخيرة من القرن العشرين، تعاونت النسويات العلمانيات مع النسويات الدينيات (اللواتى ربما اعتنفن هذه التسمية وان لم يقُلن انهن كذلك) فى نشر مجموعة من الحجج قوية الاقناع للمطالبة بتغييرات قانونية مبنية على نموذج لنمط متساو فى العائلة. ونتيجة لهذا الجهد المشترك، ولظروف سياسية مشجعة، تحقق فى العام 2004 تغلُب على هذه العقبة عندما أعيد ت صياغة قانون العائلة فى دولة المغرب، المسمى بالمُدونة، والمينى على الفقه (التشريع الاسلامى)، معلنا أن الزوجة والزوج رأسان متساويان فى العائلة. وقبل هذا بعامين نجحت النسويات العلمانيات فى تركيا، بعد كفاح طويل، عندما تعدل القانون المدتى ليحقق جعل الزوجة والزوج رأسين متساوين للعائلة. وقد وصف بعض علماء الدين الآتراك القانون المدنى، وهو قانون علمانى، بأنه متفق مع روح الشريعة.

وتعارض النسويات العلمانيات والنسويات الاسلاميات جعل شرائع العائلة الاسلامية قانونية فى تلك الدول التى لم تطبقها بعد، سواء كان هذا فى المجتمعات القديمة فى افريقيا و فى آسيا أو فى المجتمعات الاسلامية الجديدة فى دول الغرب. وعارضت الناشطات فى الغرب بشدة أقل اشارة الى اقرار تشريع القانون الاسلامى للعائلة، كما حدث فى كندا من وقت قريب، على سبيل المثال. وفى اطار المجتمعات سريعة التغير، فان النساء والرجال، فى كل مكان تقريبا، يعشن خبرة مستويات عالية من المساواة والتفاعل فى حيواتهن التعليمية وفى مجال العمل. وان عدم التوازن بين مثاليات المساواة، والقوانين، والممارسات فى المجال العام، وعدم المساواة فى العائلة، المدعم باسم الدين، أصبح، بشكل متصاعد، غير محتمل، كما فُهم بشكل متصاعد أيضا على أنه يتعارض مع مبادىء قرآنية.

وفى أثناء العقدين الآخيرين تقريبا كافحت نساء مسلمات، مع غيرهن من النساء المعنيات بالآمر، مثل ناشطات الحركة النسوية، وناشطات حقوق الانسان، وناشطات الديموقراطية، والجمعيات، يالاضافة الى مبادرات محلية، من أجل الحصول على المساواة القانونية والوظيفية فى داخل العائلة. ومن بين هذه المؤسسات مؤسسة WLUML "نساء يعشن تحت القانون الاسلامى" ، وهى شبكة عالمية كان مقرها أساسا فى فرنسا، وتشكلت فى منتصف الثمانيات مثل مؤسسة(SIS) "أخوات فى الاسلام" ، التى مع كونها مؤسسة ماليزية فى الآصل الا أن لها انتشارا عالميا منذ البدء. كما أن نساء من دول المغرب والجزائر وتونس أنشأن منظمةCollective 95 Maghreb-Equalité)) "جماعية المغرب 95 – المساواة" ، فى جهد مشترك لاعادة تشكيل قوانين العائلة المسلمة وممارساتها فى كل من تلك الدول.

وكان المشروع الدولى المسمى "حقوق فى البيت: مدخل لتدويل حقوق الانسان فى العلاقات الآسرية فى داخل المجتمعات الاسلامية" نشطا فى عدد من الدول ذات الآغلبية المسلمة فيما بين الأعوام 2001 و2005 فى محاولة للقضاء على انتهاكات الحقوق الانسانية للنساء فى داخل البيت وفى المجتمع. واستخدمت مؤسسة (WLP ) "الشركاء فى تعليم المرأة"، التى انشئت فى عام 2000 ، استخدمت، مع جماعات أخرى، نجاح دولة المغرب كمثال قوى لدعم حملة "المليون توقيع” لاصلاح قانون العائلة فى ايران. تلك الحملة التى تخضع، للأسف، الآن للمقاومة فى ايران. كذلك فان شيكة ((WISE "مبادرة النساء فى الروحية والمساواة" الدولية المنتمية الى جمعية ASMA)) "الجمعية الآمريكية لتقدم المسلمين"، التى مقرها مدينة نيويورك، تدعو الى المساواة د اخل العائلة. وباعتراف "مبادرة النساء فى الروحية والمساواة" بالطبيعة المعقدة للعائلات الحديثة والتى يتزايد فيها الزواج المختلط بدرجة أكبر وأكبر، فانها تتفهم المسائل المتعلقة بهذا الزواج. وكانت وسائل التكنولوجيات الحديثة للمعلومات، والاتصالات الفورية عبر شيكة المعلومات الدولبة، والمواقع الكائنة على هذه الشيكة، ودلائل التدريب، والكنب، والمنشورات هى وسائل نشر أفكار المساواة وممارساتها فى داخل الآسرة وبين المسلمين وبين المسلمين وغيرهم، وبذلك وصلن الى النساء عبر الطيف المتسع من صفوة النساء الى النساء العاديات فى كل من المدن والريف، محاولات وضع الاختيارات أمام الناس.

أن حركة المساواة التى انطلقت حديثا تشكل التقاء المبادرات معا واختلاط وتوسع شبكات الاتصال والمشروعات لتحقق اندفاعا الى الأمام لاكتساب المساواة فى العائلة. وتتحدث وثيقة المساواة التى وزعت فى كوالا لامبور، والتى توجد أيضا على الانترنت، عن كل من "الأسرة المسلمة" و "الأسرة". وبما أن كثيرا من المسلمين وأشخاصا آخرين ينتمون الى ديانات أخرى يكونون عائلات معا، خاصة فى بلدان الغرب، وان لم يقتصر الآمر على تلك البلدان، فان هناك حاجة لاعطاء الواقع الجديد مزيدا من الاهتمام. ولكل شخص مصلحة ذاتية فى مطلب المساواة: الزوجة والزوج عليهما أن يكونا متساويين فى الأسرة، وشركاء الحياة الزوجية من أديان مختلقة يجب أن يكونوا متساوين. والأزواج المنتمون الى ديانات مختلفة يمكنهم استخلاص ما يثرى منابعهم ليبتدعوا وليغذوا المساواة فى العائلة – العائلة التى يجب ألا تكون معنونة باسم الدين، حيت تفضل دينا على آخر.

وان الترحيب بنساء ينتمين الى ديانات أخرى لديهن معرفة بالموضوع وخبرة ناشطة وشاركن فى حيواتهن الشخصية والمهنية فى الموضوع كى يعملن مع المسلمات فى صميم حركة المساواة فى عالم يعيش فيه المسلمون مع غيرهم جنبا الى جنب، سيكون مفيدا لمرتغب المساواة. ويدل رد الفعل الذى استقبل أثناء انعقاد مؤتمر كوالا لامبور وبعده على أن عددا من الناس يرى أن هذه الحركة مرغوب فيها. وان مثل هذا التعاضد سيكون متجاوبا مع الحقائق المعقدة المُعاشة فى القرن الحادى والعشرين. وان تشييد هذا البناء على أساس تقاليد دين واحد – مع الأخذ فى الاعتبار الاختلافات كثيرة العدد، بما فيها من مداخل مختلفة لما هو "علمانى" وما هو "دينى"- بينما يعملن أيضا عبر تقاليد دينية للحصول على المساواة فى العائلة، فانهن لا يضحين بما هو خاص بهن ولا بما هو عام. وأن ما يحدث هو أنهن يأتين بما هو أكثر الى المائدة.
———————————–

مارجو بدران التى حضرت مؤتمر المساواة الذى انعقد فى كوالا لامبور فى المدة من 14 الى17 فبراير تتفكر فى الماضى والحاضر والمستقبل. وهى زميلة رئيسة فى مركز الوليد بن طلال للتفاهم الأسلامى المسيحى فى جامعة جورج تون، كما أنها زميلة فى مركز وودرو ولسون الدولى للعلماء، متخصصة فى دراسات الجندر ومؤرخة تركزعلى الاسلام والمجتمعات الاسلامية. وأحدث كتبها هو كتاب "النسوية فى الاسلام: تلاقى العلمانى والدينى" الصادر باللغة الانجليزية.

SUPPORT OUR WORK

 

Please consider giving a tax-free donation to Reset this year

Any amount will help show your support for our activities

In Europe and elsewhere
(Reset DOC)


In the US
(Reset Dialogues)


x