التعايش يكون أكثر صعوبة إذا لم نحترم دينهم
اوليفيي روي: حاورته سارة حجازي 23 March 2010

عادت قضية المسلمين الذين يعيشون في أوربا للبروز مجددا بعد الاستفتاء الذي جرى في سويسرا ضد بناء مآذن جديدة، مما يذكرنا بالقضية التي أُثيرت في إيطاليا والمتعلقة بوضع الصليب في القاعات الدراسية . ماهو رأيك بهذا الخصوص؟

المشكلة في كلتا الحالتين هي الرمز الديني في الفضاء العام. إن هذه الرموز الدينية هي أيضا رموز ثقافية وليست دينية فقط، فالصليب، مثلاً ، قُدم من قبل الحكومة الإيطالية الى محاكم ستراسبورغ بوصفه رمزا ثقافيا خالصا، لكن ذلك ليس نفس الموقف الذي تتبناه الكنيسة الكاثوليكية والتي تعتبر أن الصليب يحمل مغزى دينيا. لذلك، فإن الرمز بذاته يمثل تناقضا محرجا بين ماهو سياسي وماهو مقترن بالهوية الثقافية . يمكننا في هذا المقام أن نعطي مثلا بالدلالة التي ينطوي عليها الصليب لدى عصبة الشمال في ايطاليا من جانب، رمزيته الدينية والروحية من جهة ثانية. كذلك الامر في سويسرا فان الحملة ضد المآذن هي أيضا حملة ضد المهاجرين، ضد الاجانب . بالنسبة
لاولئك الذي صوتوا في الاستفتاء، فإن الثقافة والدين يعنيان الشيء نفسه.

هل الاسلاموفوبيا في اوربا تمثل خطرا حقيقيا؟

إن الاسلاموفوبيا في أوربا الغربية تمد جذورها في اتجاهين مختلفين يؤدي تحالفهما الى جعلها قوية وفاعلة سياسيا. الاتجاه الأول هو الهوية المسيحية، أي الاعتقاد بأن أوربا ذات جذور مسيحية بصرف النظر عن الايمان الديني. هذا الاتجاه يعبر عنه موقف اليمين المحافظ، فأنصار عصبة الشمال في ايطاليا لايرتادون الكنيسة لكنهم يرون فيها جزءا من هويتهم، ولذلك فهم في العموم كارهون للأجانب ومتأثرون بالاسلاموفوبيا. أما الاتجاه الثاني فيعبر عنه اليسار العلماني الذي يعارض الإسلام ليس لكونه دين المهاجرين بل لأن هذا اليسار يعارض الأديان عموما. حتى نهاية القرن العشرين كان هناك تركيز على الجدال بين اليسار العلماني واليمين المسيحي، ولكن اليوم لم تعد هناك قوى متعارضة.

كيف سيتطور هذان الاتجاهان في المستقبل؟

الجدال المذكور لا يعكس الواقع بشكل حقيقي، لأن كلا من اليسار والمجتمع المسيحي يتعاطيان مع الثقافة والدين وكانهما شيئا واحدا. اليسار العلماني يرغب بأن يرى المسلمين يكفون عن ان يكونوا مسلمين ويقبلون الاندماج . لنتذكر مثلا قضية الحجاب الاسلامي في فرنسا، والمسلمين من الجيل الثاني الذين ينظر الى ارتداء بعضهم الحجاب باعتباره خيانة. اليسار العلماني يرغب بان يرى الأديان تمارس باعتبارها شأنا خاصا. لكن ما يحصل في الحقيقة هو انفصال الدين عن الثقافة بشكل متزايد. إسلام الجيل الثاني ليس الإسلام التقليدي نفسه، انه نسخة جديدة أُعيد ابتكارها للإسلام وفق المفاهيم الغربية. مع ذلك فان هذا الابتكار لا يؤدي بالضرورة الى انتاج نسخة اكثر ليبرالية. الاندماج يجب ان يحصل من خلال اعادة ابتكار الاسلام كدين، وليس كدين وثقافة في الوقت نفسه .

ماهي اكبر المشاكل التي يواجهها الشباب من الجيل الثاني الذين يعيشون في أوربا؟

المشكلة الكبرى هي الاقتران بين عاملين: العنصرية التقليدية، كتلك القائمة على اللون مثلا، ومشاعر الكراهية الدينية الواسعة الانتشار. حتى لو كنا معتادين على تصور مجتمعنا بوصفه كتلة متجانسة، فإن هذا التصور ليس صحيحا. القرن العشرين في أوربا الغربية كان قرن الصراع الثقافي والحروب الأهلية، والمواجهة بين الشيوعية والرأسمالية ، وبين العلمانية والدين، وفي هكذا مجتمع يمكن أن نتساءل: ما لذي تعنيه كلمة “اندماج”؟ إننا نعيش في مجتمعات شديدة الانقسام، والفجوة تغدو أكثر اتساعا في كل يوم، ليس فقط بسبب المهاجرين، بل بسبب اختلاف الممارسات الدينية أيضا.إن الدين سيكون قضية الصراع الجديد في السنوات المقبلة.

 

SUPPORT OUR WORK

 

Please consider giving a tax-free donation to Reset this year

Any amount will help show your support for our activities

In Europe and elsewhere
(Reset DOC)


In the US
(Reset Dialogues)


x